الطواري تنشر نص إعلان ترشح بيرام للانتخابات الرئاسية
خطاب إعالن ترشح بيرام الداه اعبيد لرئاسيات 2024
السعي إلى الحكم في موريتانيا بشكل مختلف/ سنة 2024
مقدمة البرنامج
إنه لمن دواعي السرور و الارتياح، أن الناشطين السياسيين و الحقوقيين و الجمعويين من المواطنين الموريتانيين العرب انحازوا بدعمهم لترشح بيرام الداه اعبيد إلى رفض الهيمنة العرقية-القبلية، أو ما يسمى أيضا بعدم المساواة في الحقوق، و هي من سمات الحكامة في موريتانيا. من خالل هذه الهيمنة تتأتى الملاحظة، غير القابلة للجدال، أن هذا النهج ينتج تفاقم الاختلالات في القوة العمومية وخوصصتها لصالح الحفاظ على الوضع الراهن.
فما انفك نطاق الظلم يتسع، خاصة على حساب المواطنين ذوي الأصول الجنوب- صحراوية، سواء كانوا منحدرين من مجتمع الأرقاء، أو كانوا قد ولدوا أحرارا، لكن المواطنين الموريتانيين العرب يعيشون انسداد الأفاق وفرص الأمل في العيش الكريم بفرض حكامة السرقة المنظمة و المحسوبية وضيق دائرة الحظوة في النفوذ و المال، إن التغيير المتعدد الأبعاد يفرض نفسه بالنسبة لكل مكونات هذا الشعب على اعتبار أنه ضرورة للتعايش من دون عداء و القسط في ثروات البلد و امتلاك الحقوق الأساسية. فمواطنينا ذو الأصول الإفريقية هم من ظلوا ضحايا للتهميش والإقصاء خلال عمليات التقييد لبيومتري، وضحايا، منذ الأزل، للانتهاكات القاتلة، وسليبة الجرائم ذات المبتغى العنصري التي ما يزال عدم جبرها يعرض مستقبل السلم والانسجام للخطر داخل حدودنا، كما أن باقي مواطنينا يتعرض لحكامة التفقير المتسارع و البطالة المتفاقمة و مصادرة الأمل في تحصيل العيش الكريم لأسباب وارية للعيان و هي خوصصة ثروات الدولة ,إمكانياتها من طرف إقطاعيات بيروقراطية قبلية ربوية و عسكرية، سواء باسم العرق أو اللغة أو الدين أو القوة الغاشمة، فالا أحد هنا، في هذه الدنيا، يقبل بأن يظل عرضة للهيمنة.
إن مواصلة وتنويع الكفاح إلى غاية بروز جمهورية عقلانية يعد حتمية لأن الهدفين يدخلان في إطار الضروريات التي لا مندوحة عنها، في هذه الحالة، يتعلق الأمر باستباق، أو لنقل السيطرة على ينابيع العنف التي تشجعها الأوضاع الحالية من أجل ديمومة موريتانيا، وفقط من أجل ديمومتها، ولكي تنجو من التفكك القائم في محيطنا، فإنه محكوم عليها بقطيعة تاريخية قدَرية.
إن الظروف الحالية، خاصة تفقير وكلاء الدولة وتكريس .الركاكة وتعميمها، لم تعد تسمح بتأخير ساعة الشرح الأكبر حمولة الظلم الزائدة، هي ضيمنا المؤسس، بيد أن جغرافيا التمييز المادي تشمل، الآن غوغاء المجتمع العربي و نخبته النظيفة، وتنحو إلى التجذر فيه بتأثير من السياسات التربوية التي ستظل تنتج الجهل وعدم الكفاءة بأعداد هائلة إن لم تحاكي الانفتاح على العالم الحديث وتفتح شهيتها على العصرنة. هذا فضلا عن تقسيمها للمجتمع على أساس أحادية اللغة الحصرية، وترقيتها للفساد العلائقي الذي يتمخض عن مصنع ضخم للبطالة: مصدر الإحباط والتطرف والرغبة في الانتقام. وهكذا فإن أغلبية من مواطنينا لم تعد ترى نفسها في موريتانيا التي .أصبحت مؤسسة للافتراس بالرغم من التناوب الشخصي في يونيو ،2019 فإن النظام العسكري، المتنكر في زي مدني، لم يفقد أي شيء من إزعاجه الوجودي. حتى الاقتراع العام لا ينجو من هوس العبث خلال وبعد فرز الأصوات كما كشف عنه في مايو 2023 خلال الإعلان الشاق لنتائج التصويت على النواب والمستشارين على مستوى البلدية والجهة إن اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات (وهو نعت قبض عليه متلبسا بجرم الوقاحة)والتي يديرها جلاد سابق، والجمعية الوطنية التي يرأسها عسكري سابق تحوم حوله تهم التعذيب، تبرهنان على مدى إسهام الازدراء والسخرية في تشويه الجمهورية لدرجة عرضتها لجدال لا نهاية له. ما جعل الارتباك والاستياء يتسللان إلى غالبية شعبها. وعلى صعيد آخر من التسيير غير النزيه، تمارس موريتانيا، بالرغم من تقدمها الديمقراطي على جل بلدان العالم العربي، أنواع الطمس وخلق الأغذار وتجديد الواجهة المستمر، بغية خداع وابتزاز الحلفاء الأجانب وعلاوة على ذلك، يسود اختلاس وسائل التجمعات على مستويات مختلفة من مراكز القرار، ويتسبب في ازدياد رقعة البؤس بشكل لا يمكنه صده، خاصة بؤس العمال اليدويين والمزارعين والعاطلين من غير ذوي المؤهلات.
والأمر من ذلك أن كل من يملك مساحة من السلطة، مهما كانت تبعيته، يسعى لتحقيق الربح على كاهل رواد الإدارات.
لقد أصبحت عقلية “انج بجلدك” المستمرة، والارتجالية، والإهمال ، والإعراض إزاء المهام التي لا تضمن ربح صاحب القرار، والتراخي، وجاذبية الكسل، الميسم الدائم لاستقالة نزقة تعود عليها السكان بحيث جعلوها جزءا من حياتهم اليومية الطبيعية.
بهذا التحجر الفكري بحجة الحسابات النفعية، نتجت الحصيلة الهزيلة من إنجازات المشاريع التنموية وخسارة العديد من التمويلات التي يمنحها التعاون متعدد الأطراف. كما خسرت البلاد مئات المنح الدراسية والتدريبات بسبب إهمال معالجة الملفات التي لا يجد صاحب الطابع الرسمي مردودية فورية لها عقلية الغارة، والكذب الفطري على الشركاء الاستراتيجيين، وانهيار الإدارة، وتشرد الموظفين، وقذارة المباني، واستخدام الشهادات المزورة، والتزييفات المتعددة لشق طريق في متاهة التعيينات المحابية، وتبييض المال الوسخ من خلال البنوك الأسرية وتطبيقات تحويل الأموال: هكذا تتراءى الركيزة الإجرامية للدولة الواقعة في قبضة نخبة صغيرة تعيد إنتاج نفسها بالتناوب لكل واحد دوره حسب صدف التحالفات العرضية وعدم اليقين بشأن الثروات من أصول سياسية- إدارية، وهو ما تستغله القبائل والطوائف، انطلاقا مما تجد من الأفضلية في المزايا، لأن الغد يوم آخر، يوم من الشك، إذن هناك إمكانية أخرى لزيادة نصيبها من الامتيازات.
في الواقع، وبعيدا عن التبجح، والشعارات، والعفة الماكرة، فإن الماسكين بالصلاحيات الرسمية لا يخفون بشكل جيد آلية النهب التي يتوجب حجبها باللجوء إلى القومية اللغوية وإلى الدين-الدرع وإلى العفو الدائم. نعم، إن موريتانيا المنهارة تغرق في السيبة. وما عاد لها أن تسمح لنفسها بأن تغوص أكثر نحو الأعماق، إلا إذا اعتمدت الانتحار كمشروع حضاري، إذا كانت هناك حاجة إلى توثيق خطورة اللوحة المظلمة، يكفي أن ننظر إلى الهجرة إلى ما وراء الأطلسي التي يقوم بها شبابنا وفتيتنا كما هو حال آلاف المنبوذين القادمين من دول تنخرها ماكنة الحرب والإرهاب والانقلابات.
لا شك أن هذه الحصيلة ليست شاملة بحال من الأحوال. فهي لا تشير هنا إلا إلى الخطوط العريضة لخراب حل بنا منذ الانقلاب على النظام المدني شهر يوليو 1978 نعم، لقد حانت اللحظة الحاسمة للخروج من عنق زجاجة الفشل والإحباط والمديونية المتنامية وتدوير التعهدات الزائفة.
إن انتخاب رئيس للجمهورية، يوم 29 يونيو المقبل، يعطي الفرصة للتفكير النقدي الذاتي، وإعادة صياغة الأمور، ووضعها في نصابها السليم ويعود إلى قوى التناوب الصادقة واجب وضع التصور، ومن ثم تعميم مشروع التعافي الوطني على أساس الجمع بين الجدارة والاستقامة والمساءلة.
إن التعاويذ ولغو الكلام، واللغة الخشبية، والغواية بالغد من خلال التمنيات القانتة، تشهد، عكسا لذلك، على الإجماع على التفكير الطلسمي، بينما يتطلب العلاج الملح لمثل هذا الداء الراسخ دواء على قدر الصدمة، يكون جذريا ونهائيا ومحررا للطاقات والتدقيق المحاسبي قبل كل شيء أولا، خوفا من تفويت هدف إعادة البناء، من المهم أن نقوم، انطلاقا من إحصائيات موثوقة بجرد مصادر الدولة، بدءا بعمال الوظيفة العمومية التي أخضعت، المرات تلو المرات، لنزوات القبائل والطوائف بعد ذلك، نتجرأ على الكلام عن المواضيع المثيرة للغضب.
إن تحرير الرأي والتكفل به من قبل السلطة التنفيذية يمهد لصياغة حلول توافقية لتفكك العيش المشترك. فقول الحقيقة حول حقيقة العنصرية وأنماط التمييز المنحرف يحمل في طياته القدرة على التسوية المستديمة.
إن الاعتراف المنشور بالجرائم والأخطاء سيؤدي إلى تحديد مرتكبيها والاعتراف بهم والشروع في القضاء التام على الصدمة.
ليس من السليم الاستمرار في إخفاء الوجع بحجة أن المصالحة ستجلب الخلاص فالمصالحة تتطلب الممارسة المؤلمة، لكن المثمرة للصراحة أخيرا، الخروج من حالة الركود والإعلان عن الخبر السار.
تتعلق الإصلاحات المنتظرة بالتقطيعة الانتخابية، وتسيير الحالة المدنية لبيومترية، ومواءمة الدستور مع آليات القانون الدولي التي صادقت عليها موريتانيا خاصة تلك المتعلقة بانعدام الجنسية وتستدعي المطالبة الملحة بالانصاف تعديلا للقانون الأساسي، بغية إزالة الغموض في الصياغة والخدع اللغوية التي يسكنها السلاح غير المرئي لمصادري الرأي، ومزيفي التاريخ، وباقي مقاولي اختطاف الذاكرة.
لقد حان وقت إعادة تحديد من نحن، وعلاقتنا بالماضي، ومرجعيات احتفالاتنا التذكارية، وباختصار، حان الوقت لنستعيد معنى ميلنا لنكون همزة وصل، إن المدرسة القائمة على الجودة والانسجام تدعو إلى اتخاذ إجراءات التعافي الأولية حول القيم العالمية الشاملة، مثل التسامح، والتعددية اللغوية، بما في ذلك داخل جهاز العدالة، والتعاطف مع الأجانب، وحرية الضمير، وترقية المساواة بين الرجل والمرأة.
وهكذا يمكن لكل موريتاني، تحميه قوات مسلحة وقوات أمنية تعكسان، بالتناسب، تعدد المكونات، أن يستعيد نصيبا من كرامته المهدورة ومن هنا سيتوقف عن تأجيج التقوقع على نفسه و يقينياته الزائفة التي تحافظ على شهية التضليل وسهولة الانجرار إلى الشعبوية. وبكلمة واحدة فإن واجب حماية أنفسنا من تحديات المستقبل، والتبصر بعدم إهانة المستقبل، يمليان علينا أن نخرج من دائرة التشاؤم لنعانق التفاؤل.
النداء
وهكذا، فإننا نحن قوى التقدميين، الناخبين والناخبات، المصممين والمصممات على المضي في طريق نفاد الصبر الخالق، نناشد الوطنيين، والقوى الحية، والمنظمات السياسية والاجتماعية، ولأعيان، والشخصيات المستقلة، بأن يلتحقوا بنا ويلتئموا معنا على طريق الخلاص.
لم يعد الأمر يتعلق بالتغيير المنتظر، فالحالة المستعجلة وصلت، الآن إلى مستوى حرج يستدعي التكاتف من أجل النجاة.