بدأ فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني منذ توليه مقاليد حكم البلاد في 2019 وضع خريطة تنمية متبصرة، حيث تميزت فترة الأربع سنوات الأولى من حكمه بما يلي:
– 1- إرساء دعائم نظام حكم جديد يمكن وصفه بأنه نظام “تعددي-تشاركي”. وهو في نظري نهج قويم أقرب إلى الحضارة الشرقية منه إلى الحضارة الغربية. فلا هو نظام ليبرالي متوحش، ولا هو نظام شمولي متسلط. إنه يعمل على إرساء نظام وسطي مبتكر يوائم بين التعددية والتوافق، وبين التنافس والتشارك في ظل الحوار والتهدئة. هذا الإنجاز لا يقدر بثمن، وهو الذي سمح بالتغلب على عواصف عديدة، أذكر منها: وباء “كوفيد 19” الذي شغل 2 سنة من ال4 الماضية من مأمورية الرئيس، واتساع دائرة التوتر والأزمات على حدودنا من كل الجهات، وتداعيات أزمة “المرجعية” واللجنة البرلمانية وما إلى ذلك من تجاذبات قضائية وسياسية، إلخ.
– 2 – نجاح باهر في التصدي لأزمة كورونا حين وضعت الدولة “صحة المواطن” على رأس أولوياتها، مع بدء ظهور الجائحة عالميا. ونجحت في تحقيق المعادلة الصعبة، في إدارة الأزمة، بالحفاظ على صحة السكان، بالتوازي مع عدم تعطيل النشاط الاقتصادي أو وقف الحياة بشكل كامل، وذلك بدعم غير محدود من رئيس الجمهورية، الذي وجه بتخصيص عشرات المليارات من الأوقية، لتمويل الخطة الشاملة وما تتضمنه من إجراءات احترازية وعلاجية.
– 3 – نجاح في استعادة مكانة البلاد ودورها في المشهد الدولي كقوة فاعلة. وتوالت الشهادات العالمية التى تؤكد على أهمية موريتانيا كلاعب إقليمي لا يمكن الاستغناء عنه، ولا بديل له. وقدمت بلادنا نموذجا تاريخيا يقتدى به في ملف مكافحة الإرهاب والتطرف، وذلك بنهج وسطي يجمع بين قوة الفكر والمناظرات العلمية، وقوة السلاح عند الضرورة.
– 4 – امتداد جسور موريتانيا لكل الأصدقاء، وأصبح دورها حاسما في منظومة “ج 5” وملحوظا في منظومة العمل الأفريقي والعمل العربي المشترك. وتجلى ذلك في إنجازات ملموسة، مثل مراجعة الديون الكويتية التي عجزت كل الأنظمة السابقة عن حلحلتها، واستضافة القمة الاقتصادية العربية في نواكشوط (نوفمبر 2023)، والفوز بوظائف عالية في المنظمات الدولية (المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة)، وسط ترحيب وإشادة عالمية.
– 5 – تسجيل نقاط مهمة في أخطر معارك المستقبل، أعني معركة الاقتصاد والتنمية ومحاربة الفقر والفوارق الاجتماعية. لأول مرة حقيقة تجد آلاف الأسر ممن يعيشون تحت خط الفقر من يحنو عليهم بمشروعات للتكافل الاجتماعي والتأمين الصحي عبر “تآزر” و”اكنام” و”اكناص” و “داري” و مكافحة العشوائيات؛ هذا بالإضافة إلى “صندوق الضمان الاجتماعي” و زيادة الرواتب والمعاشات، على الأقل مرتين خلال هذه الفترة، إلخ.
– 6 – على العموم، نجح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني فيما مضى من مأموريته الأولى، واستطاع تثبيت الأمن والاستقرار في محيط يهتز من كل الجهات، وأرسى دعائم واضحة لإنجاز مشاريع تنموية قادمة؛ إلا أنه – بسبب حكومته الأخيرة – بدا في نظر الكثيرين وكأنه ينظر إلى المرآة الخلفية (ريترو فيزير rétroviseur) التي لا تعكس من ألوان الطيف المرئي إلاّ ما قد دَبَر وسلف.
– 7 – تحضيرا لانتخابات 2024 و المأمورية القادمة، فإنه من الضروري تثبيت مقود السفينة في بحر هائج يرمي بأمواج كأنها شهب من نار. فإن الدولة ستواجه، بالإضافة إلى تحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية المعروفة، تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية التي تأخذ على نحو متزايد مظهر صراع عالمي.
وسيكون عليها أن تواجه مع ذلك تطورات الوضع المشتعل على الحدود من كل الجهات. ليس فقط من باب الصراعات المفتوحة حالا في مالي والسنغال وغينيا وغينيا بيساو وعموم منطقة “الساحل، ولكن من باب من صراعات صامتة وتوترات بدأت تطفو على السطح على المنافذ البرية والبحرية، حيث ستكون الطرق البرية والمحيط الأطلسي محل رهان كبير وخطير.
نسأل الله خيره وخير ما فيه. وجميع الشركاء والأطراف المتصارعة شرقا وجنوبا وشمالا تتفق على أن دور الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بشخصه وبنهجه الهادئ والمتبصر يشكل عامل استقرار في المنطقة والإقليم.محمد فال ولد بلال